-->
الرقراق نيوز الرقراق نيوز
أخبار محلية

أخبار محلية

أخبار محلية
أخبار محلية
جاري التحميل ...
أخبار محلية

لمن تُنصَب المشانق في فيديو البيتش؟ / سلمى التجاني



ليس من العدل ولا المنطق أن نحاكم الشباب والشابات الصغار الذين ظهروا في فيديو مؤخراً وهم يرقصون في شاطئ بري ، وفقاً لمعايير قانون النظام العام . فنحن نعيش في بلدٍ يجتهد نظامها لخلق حالة من التعايش مع قمع وعنف السلطة تجاه المجتمع ، ويسعى لفرض قيمٍ دون ان يقابلها أساس من قدوة أو صدق أو مثالٍ يُحتَذى ، وبلا أسسٍ من حرية وديموقراطية وعدالة و احترام لكرامة الإنسان ، فالمخمور ( الذي يمكن أن يكون أب أو أخ أكبر ) يُجلد أمام الناس ، والنساء يُلاحقن بسياط النظام العام ، ويُجلد بعضهن كذلك أمام الناس . 
الحياة في دولة تُنتهك فيها كرامة الإنسان كل يوم ، ويُضرب فيها بالقوانين عرض الحائط في كل مرَّةٍ يتم إختبارها ، تحاصرها الحروب ، وهذه لها واقعها القاسي وآثارها على حياة الناجين الذين غالباً ما ينتقلون للحياة في مناطق أكثر أمناً . ويحاصرها قبل ذلك فقرٌ يعم غالب أفراد المجتمع ، وطموحاتٍ موؤدة للشباب ، تخلق كل هذه العوامل قيماً أخرى ، جديدة ، يختبرها المجتمع السوداني لأول مرة . 
يحدث ذلك في ظل التطور التكنولوجي وإمكانية تعرُّف هؤلاء الشباب على اشكالٍ مختلفة من الحياة ، في أماكن أخرى من الدنيا ، يعيشها شبابٌ في ذات أعمارهم ، لا يميزهم عنهم إلا أنهم يعيشون في دولٍ لا تحكمها عصبة الإنقاذ بعقلية داعش .
يقابله، تخلِّي الدولة عن مسئولياتها تجاه المجتمع ، ليسفر ، في جانبٍ منه، عن هشاشةً في مناهج التعليم، وضعفٍ في وسائل نشر الثقافة وتغييب المناشط الثقافية والرياضية وغيرها ، في المدارس وأغلب الجامعات ، وبالتالي يستحيل تحقيق الذات عبر اكتشاف وتطوير المواهب و الوصول لمرحلة الرضا عن النفس . فيتجه هؤلاء الشباب للبحث عن وسائل ترفيه تشعرهم انهم موجودون ، ويفعلون ما يحبون ، ويرقصون كما يرقص أقرانهم في بلادٍ أخرى ، هم يغالبون بؤس واقعهم بما استطاعوا .
هؤلاء الشباب والشابات لم يعيشوا وقت كان رقيص العروس يتم في الحوش الوسيع امام الاهل والمعارف ، والحفلات تستمر حتى ساعات الصباح الأولى يشارك فيها بالرقص الآباء والأمهات ، يوم كان المجتمع رقيبٌ على قيمه بلا سياط أو بوليس يقتحم المنازل من فوق حوائطها .
ربما أعتقد أولئك الشباب أن رقصهم شكلٌ من أشكال التمرد والإحتجاج على الواقع ، وسيلةٌ يصرخون بها أن نحن نستحق الأفضل . 
قدرهم أنهم عاشوا في هذا العهد البئيس فبحثوا عن طريقةٍ يرفهون بها عن أنفسهم ، إن لم نستطع تغيير هذا الواقع فمن الأولى ألا نحاكمهم بنفس عقلية النظام التي سعى النظام لترسيخها . وبدلاً من أن ننصب لهم المشانق ونصرخ في طلب الشرطة ، علينا النظر لما حدث وفقاً لواقعهم وواقع الدولة والمجتمع .

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

المتابعون

احصاءات المدونة

جميع الحقوق محفوظة

الرقراق نيوز

2016

الويندوز للجميع